07-15-2006, 03:12 PM
|
#1
|
رقَمْ آلع’َـضويـہ:
1326 |
التسِجيلٌ :
Jul 2006 |
مشَارَڪاتْي :
681 |
♣
نُقآطِيْ
»
|
|
السيجارة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصة على لسان صاحبها :
بدأت رحلتي المؤسفة مع التدخين قبل عشرين سنة حينما كنت طالباُ في المرحلة المتوسطة وفي أيام الامتحانات ، حيث كنت أجتمع أنا وبعض زملائي في سطح منزلنا ، لمذاكرة الدروس ، فانضم إلينا أحد أصدقاء السوء ممن ابتلوا بالتدخين ، وحتى يستطيع أن يدخن دون أن ونوبخه ونلومه سعى إلى جرنا معه إلى شرب الدخان ، فقال لنا: : إن التدخين يساعد على التركيز والفهم ، وإنه جرب ذلك ، وطلب منا أن نخوض التجربة ، وأشعلت مع زملائي السيجارة الأولى ، فشعرت أن رأسي أصبح أثقل من جسدي ، وأن الأشياء حولي تدور ، وبدأ الفتور يدب في جسدي ، فقلت لصديق السوء : ما الذي أشعر به ، فقال لي : هذه أول سيجارة ، وطبيعي ما حصل لك ، اشرب الثانية وسيذهب منك الفتور والدوار ، وشربت الثانية والثالثة والرابعة ، وذهبت لأول مرة إلى البقالة واشتريت أول علبة دخان من أردأ الأنواع وأكثرها ضرراً ، لأنها رخيصة الثمن .
وهكذا أصبحت أخصص كل ريال أحصل عليه لأشتري الدخان حتى غدوت أشرب عشرين سيجارة في اليوم الواحد ، وخلال العشرين سنة ازداد شربي للدخان ، حتى بلغ 80 سيجارة في اليوم .
تجارب فاشلة
لا أخفيكم سراً إذا قلت : إنني حاولت أكثر من مائة مرة وخلال العشرين سنة التي كنت أشرب فيها الدخان أن أتركه ، ولكن كنت أفشل ، ولا يستمر تركي له أكثر من يوم أو يوم أو يومين . وكنت دائما ً عندما أحاول تركه أحتار كثيراً هل أتركه تدريجياً بحيث أقلل عدد السجائر التي أشربها تدريجياً حتى أوقفها نهائياً ؟ أم أتركه مرة واحدة , وأحطم علبة السجائر في غمضه عين؟
وكان الشيطان الخبيث يوسوس لي في كل مرة أريد أتركه فيها ، محبباً إلى الطريقة الأولى ، مخوفاً إياي من إنني إن تركته فجأة وحطمت علبة السجائر بعد أقل من أربع وعشرين ساعة فإنني سأعود إليه .. وهكذا يوسوس لي هو وأعوانه بأنه من المفروض أن أتركه تدريجياً ، فأعود إليه ويستمر معي هذا الوضع فترة ، وحينما أفكر في تركه مرة أخرى ولكن بالتدريج يعود ويوسوس لي تركه مرة واحدة أفضل .. وهكذا دواليك دون أن أتركه إلا لمدة يوم أو يومين في كل محاولة .
ولا أخفيكم سراً إذا قلت : إن عدم التوفيق في تركه سببه أنني كلما فكرت في تركه تكون الدوافع لتركه إما من أجل نظرة المجتمع للمدخن ، وإما من أجل صحتي ، وإما من أجل توفير المال... ولم أفكر في تجاربي الفاشلة أن أتركه لله ، مستعيناً به ، ومتوكلاً عليه كما حدث في تجربتي الناجحة التي سأوردها لاحقاً.
قبل الهداية
قبل أن يهدني الله ذو الفضل والمنة إلى ترك التدخين تحولت إلى مدخنة بشرية متحركة ، أشرب الدخان بشراهة حتى أصبحت أدخن أربع علب يومياً ، أي ثمانين سيجارة ، وحتى أصبح الجمر متقداً في فمي منذ الاستيقاظ صباحاً وحتى أنام ، بل أحياناً أقوم من نومي لأشعل سيجارة ، وأعود إلى النوم مرة أخرى .
أما الغرفة التي أجلس فيها سواء في العمل أو البيت أو عند الأصدقاء فيغلفها ضباب كثيف من الدخان عندما أكون موجوداً بها يعتريني فتور دائم ، وكسل ، بلغم أسود ، وكحة مستمرة ، لا ينفع معهما العلاج .. وشفتان سوداوان ، وعينان حمراوان ، ووجه عبوس .. المكان الذي لا أستطيع أن أدخن فيه لأي سبب أغادره فوراً ، وأتعجل في أداء الصلوات حتى أعود إلى السيجارة .
في رمضان يكون الفطور على التبغ قبل التمر أحياناً .. خطوات ثقيلة عند السير ، وريق ناشف .. أشرب الشاي والماء بكثرة ولهفة .. حال يرثى لها لا تفرح عدوناً ولا صديقا ، سدت أمام وجهي كل الطرق لتركه بعد المحاولات العديدة التي فشلت فيها حتى وصلت إلى قناعة بألا أحاول مرة أخرى تركه ، فقد بلغ اليأس والقنوط مبلغهما مني، حتى إنني أصبحت أتخيل أنني سأموت وفي فمي سيجارة .
اللحظة الحاسمة
قال الله تعالى ) : قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ) ، وقال تعالى : ( من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً ) ففي إحدى الليالي المباركة من العشر الأخيرة من شهر رمضان عام 1412هـ كنت أصلي القيام أنا وأخي _ الذي يدخن مثلي _ في أحد مساجد حي الناصرية بالرياض ، وبعد التسليمة الثانية يستريح عادة القائمون قليلاً، لشرب الماء أو القهوة والشاي قبل مواصلة قيامهم ، فسولت لي نفسي أن أخرج من المسجد لأشرب سيجارة ، ثم أعود لمواصلة الصلاة ، وأوحيت لأخي بما سولت به نفسي الأمارة بالسوء لي ، فما كان منه إلا أن قال لي : ما رأيك بدلاً من الذهاب إلى شرب سيجارة أن ندعو الله أن يعينا على تركه ، وأن ترك الدخان لله ، وخوفاً من عقابه ، وطمعاً في رحمته ، وأن نجتهد في الدعاء حتى نهاية القيام سائلين الله ألا يردنا خائبين هذه الليلة ، وأن يكرمنا بالهداية .. فوقعت كلماته من نفسي موقعاً حسناً ، ووجدت أذنا صاغية ، وواصلنا القيام ، وبعد نهايته أخرجت أنا وأخي ما تبقى من سجائر من جيوبنا وحطمناها أمام المسجد ، وتعاهدنا ألا نشرب الدخان من تلك الليلة المباركة ، وأن يعين كل منا الآخر على تركه الدخان كلما ضعفت وسولت له نفسه العودة إليه . والحمد لله كانت لحظة حاسمة في حياتنا لم نعد بعدها إلى التدخين بحمد الله وتوفيقه ، والآن أصبح لي أنا وأخي أكثر من سنتين لم نشعل فيهما سيجارة واحدة ، وعاد الصفاء إلى وجهينا ، وودعنا أمراض الصدر والبلغم والكحة ، وانتهت - بالنسبة لي - رحلة عذاب عمرها عشرون سنة ، وفرح الأهل والأصدقاء بما صنعناه .. والحمد لله الذي تتم بفضله الصالحات .
منقووووووول
|
|
|