08-19-2009, 03:40 AM
|
#1
|
|
عِلَّةُ إِعْرَابِ الفِعْلِ المُضَارِعِ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قَالَ مُحَمَّدٌ مُحْيِ الدِّينِ عَبْدُ الحَمِيدِ رَحِمَهُ الله فِي مِنْحَةِ الجَلِيلِ:
لَمَّا كَانَ الأَصْلُ عِنْدَ البَصْرِيِّينَ فِي الأَسْمَاءِ الإِعْرَابَ؛ فَإِنَّ مَا كَان
مِنْهَا مُعْرَبًا فَلاَ يُسْأَلُ عَنْ عِلَّةِ إِعْرَابِهِ، لأَنَّ "مَا جَاءَ عَلَى أَصْلِهٍِ لاَ
يُسْأَلُ عَنْ عِلَّتِهِ"، وَمَا جَاءَ مِنْهَا مَبْنِيًّا يُسْأَلُ عَنْ عِلَّةِ بِنَائِهِ، وَقَدْ
تَقَّدَمَ لِلنَّاظِمِ وَالشَّارِحِ بَيَانُ عِلَّةِ بِنَاءِ الاِسْمِ، وَأَنَّهَا مُشَابَهَتُـهُ لِلْحَرْفِ،
وَلَمَّا كَانَ الأَصْلُ فِي الأَفْعَالِ عِنْدَهُمْ أَيْضًا البِنَاءُ فَإِنَّ مَا جَاءَ مِنْهَا
مَبْنِيًّا لاَ يُسْأَلُ عَنْ عِلَّةِ بِنَائِـهِ، وَإِنَّمَـا يُسْأَلُ عَنْ عِلَّةِ إِعْرَابِ مَا أُعْرِبَ مِنْـهُ وَهُوَ الْمُضَارِعُ،
وَعِلَّةُ إِعْرَابِ الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّـهُ أَشْبَهَ الاِسْمَ فِي
أَنَّ كُلَّ وَاحِـدٍ مِنْهُمَا يَتَوَارَدُ عَلَيْهِ مَعَانٍ تَرْكِيبِيَّةً لاَ يَتَّضِحُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهَا إِلاَّ بِالإِعْرَابِ،
فَأَمَّا الْمَعَانِي الَّتِي تَتَوَارَدُ عَلَى الاِسْمِ فَمِثْلُ الفَاعِلِيَّةِ وَالْمَفْعُولِيَّةِ وَالإِضَافَةِ فِي نَحْوِ قَوْلِكَ: ( مَا أَحْسَنَ زَيْدًٌٍ )،
فَإِنَّـكَ لَوْ رَفَعْتَ زَيْدًا لَكَانَ فَاعِـلاً وَصَارَ الْمُرَادُ نَفْيُ إِحْسَانِهِ،
وَلَوْ نَصَبْتَهُ لَكَانَ مَفْعُولاً بِهِ وَصَارَ المُرَادُ التَّعَجُّبَ مِنْ حُسْنِـهِ،
وَلَوْ جَرَرْتَـهُ لَكَانَ مُضَافًا إِلَيْهِ، وَصَارَ الْمُرَادُ الاِسْتِفْهَامُ عَنْ أَحْسَنِ أَجْزَائِـهِ،
وَأَمَّا الْمَعَانِي الَّتِي تَتَوَارَدُ عَلَى الفِعْلِ فَمِثْلُ النَّهْيِ عَنِ الفِعْلَيْنِ جَمِيعًـا
أَوْ عَنْ الأَوَّلِ مِنْهُمَا وَحْدَهُ أَوْ عَنْ فِعْلِهِمَـا مُتَصَاحِبَيْنِ فِي نَحْوِ قَوْلِكَ: (لاَ تُعْنَ بِالْجَفَاءِ وَتَمْدَحَُْ عَمْرًا)،
فَإِنَّكَ لَوْ جَزَمْتَ (تَمْـدَحْ) لَكُنْتَ مَنْهِيًّـا عَنْهُ اسْتِقْـلاَلاً، وَصَارَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَكَ أَنْ تُعْنَى بِالجَفَـاءِ وَلاَ أَنْ تَمْدَحَ عَمْـرًا،
وَلَوْ رَفَعْتَ (تَمْـدَحُ) لَكَانَ مُسْتَأْنَفـًا غَيْرَ دَاخِلٍ فِي حُكْـمِ النَّهْيِ، وَصَارَ المُرَادُ أَنَّكَ مَنْهِيٌّ عَنِ الجَفَـاءِ مَأْذُونٌ لَكَ فِي مَدْحِ عَمْرٍو،
وَلَوْ نَصَبْتَهُ لَكَانَ مَعْمُولاً لأَنْ المَصْدَرِيّةِ وَصَارَ المُرَادُ أَنَّـكَ مَنْهِيٌّ عَنِ الْجَمْـعِ بَيْنَ الْجَفَاءِ وَمَدْحِ عَمْرٍو، وَأَنَّكَ لَوْ فَعَلْتَ أَيَّهُمَـا مُنْفَرِدًا جَـازَ.
|
|
|