الموضوع: اخترت لك
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-01-2005, 01:52 PM   #1

فتى النهارش
عيوني محترف

رقَمْ آلع’َـضويـہ: 372
التسِجيلٌ : May 2005
مشَارَڪاتْي : 233
 نُقآطِيْ » فتى النهارش is on a distinguished road
افتراضي اخترت لك

عقول من النوع السنجابي‏!!‏
بقلم : جمال الشاعر
إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا‏..
‏ جاء في حكم وقصص الصين القديمة أن ملكا أراد أن يكافئ أحد مواطنيه فقال له‏:‏ امتلك من الأرض كل المساحات التي تستطيع أن تقطعها سيرا علي قدميك‏..‏ فرح الرجل وشرع يزرع الأرض مسرعا ومهرولا في جنون‏..‏ سار مسافة طويلة فتعب وفكر أن يعود للملك ليمنحه المساحة التي قطعها‏..‏ ولكنه غير رأيه وقرر مواصلة السير ليحصل علي المزيد‏..‏ سار مسافات أطول وأطول وفكر في أن يعود للملك مكتفيا بما وصل إليه‏..‏ لكنه تردد مرة أخري وقرر مواصلة السير ليحصل علي المزيد والمزيد‏..‏ ظل الرجل يسير ويسير ولم يعد أبدا‏..‏ فقد ضل طريقه وضاع في الحياة‏,‏ ويقال إنه وقع صريعا من جراء الإنهاك الشديد‏..‏ لم يمتلك شيئا ولم يشعر بالاكتفاء والسعادة لأنه لم يعرف حد الكفاية‏.‏

النجاح الكافي صيحة أطلقتها لوراناش وهوارد ستيفنسون‏..‏ يحذران فيها من النجاح الزائف المراوغ الذي يفترس عمر الإنسان فيظل متعطشا للمزيد دون أن يشعر بالارتواء‏..‏ من يستطيع أن يقول لا في الوقت المناسب ويقاوم الشهرة والأضواء والثروة والجاه والسلطان‏.‏

لا سقف للطموحات في هذه الدنيا‏..‏ فعليك أن تختار ما يكفيك منها ثم تقول نكتفي بهذا القدر‏..‏ ونواصل الإرسال بعد الفاصل‏..‏ بعد فاصل من التأمل يتم فيه إعادة ترتيب أولويات الأجندة‏..‏
الطموح مصيدة‏..‏ تتصور إنك تصطاده‏..‏ فإذا بك أنت الصيد الثمين‏..‏ لا تصدق؟‏!..‏ إليك هذه القصة‏..
‏ ذهب صديقان يصطادان الأسماك فاصطاد أحدهما سمكة كبيرة ووضعها في حقيبته ونهض لينصرف‏..‏ فسأل الآخر‏:‏ إلي أين تذهب؟‏!..‏ فأجابه الصديق‏:‏ إلي البيت‏ لقد اصطدت سمكة كبيرة جدا تكفيني‏..‏ فرد الرجل‏:‏ انتظر لتصطاد المزيد من الأسماك الكبيرة مثلي‏..‏ فسأله صديقه‏:‏ ولماذا أفعل ذلك؟‏!..‏ فرد الرجل‏..‏ عندما تصطاد أكثر من سمكة يمكنك أن تبيعها‏..‏ فسأله صديقه‏:‏ ولماذا أفعل هذا؟‏..‏ قال له كي تحصل علي المزيد من المال‏..‏ فسأله صديقه‏:‏ ولماذا أفعل ذلك‏.‏ فرد الرجل‏:‏ يمكنك أن تدخره وتزيد

من رصيدك في البنك‏..‏ فسأله‏:‏ ولماذا أفعل ذلك‏.,‏ فرد الرجل‏:‏ لكي تصبح ثريا‏..‏ فسأله الصديق‏:‏ وماذا سأفعل بالثراء؟‏!‏ فرد الرجل تستطيع في يوم من الأيام عندما تكبر أن تستمتع بوقتك مع أولادك وزوجتك‏..‏
فقال له الصديق العاقل‏ هذا هو بالضبط ما أفعله الآن و لا أريد تأجيله حتي أكبر ويضيع العمر‏..‏ رجل عاقل‏..‏ أليس كذلك‏!!‏

يقولون المستقبل من نصيب أصحاب الأسئلة الصعبة‏,‏ ولكن الإنسان ـ كما يقول فنس بوسنت ـ أصبح في هذا العالم مثل النملة التي تركب علي ظهر الفيل‏..‏ تتجه شرقا‏,‏ بينما هو يتجه غربا‏..‏ فيصبح من المستحيل أن تصل إلي ما تريد‏..‏ لماذا لأن عقل الإنسان الواعي يفكر بألفين فقط من الخلايا‏,‏ أما عقله الباطن فيفكر بأربعة ملايين خلية‏.‏

وهكذا يعيش الإنسان معركتين‏..‏ معركة مع نفسه ومع العالم المتغير المتوحش‏..‏ ولا يستطيع أن يصل إلي سر السعادة أبدا‏.‏

يحكي أن أحد التجار أرسل ابنه لكي يتعلم سر السعادة لدي أحكم رجل في العالم‏..‏ مشي الفتي أربعين يوما حتي وصل إلي قصر جميل علي قمة جبل‏..‏ وفيه يسكن الحكيم الذي يسعي إليه‏..‏ وعندما وصل وجد في قصر الحكيم جمعا كبيرا من الناس‏..‏ انتظر الشاب ساعتين حين يحين دوره‏..‏ انصت الحكيم بانتباه إلي الشاب ثم قال له‏:‏ الوقت لا يتسع الآن وطلب منه أن يقوم بجولة داخل القصر ويعود لمقابلته بعد ساعتين‏..‏ وأضاف الحكيم وهو يقدم للفتي ملعقة صغيرة فيها نقطتين من الزيت‏:‏ امسك بهذه الملعقة في يدك طوال جولتك وحاذر أن ينسكب منها الزيت‏.‏

أخذ الفتي يصعد سلالم القصر ويهبط مثبتا عينيه علي الملعقة‏..‏ ثم رجع لمقابلة الحكيم الذي سأله‏:‏ هل رأيت السجاد الفارسي في غرفة الطعام؟‏..‏ الحديقة الجميلة؟‏..‏ وهل استوقفتك المجلدات الجميلة في مكتبتي؟‏..‏ ارتبك الفتي واعترف له بأنه لم ير شيئا‏,‏ فقد كان همه الأول ألا يسكب نقطتي الزيت من الملعقة‏..‏ فقال الحكيم‏:‏ ارجع وتعرف علي معالم القصر‏..‏ فلا يمكنك أن تعتمد علي شخص لا يعرف البيت الذي يسكن فيه‏..‏ عاد الفتي يتجول في القصر منتبها إلي الروائع الفنية المعلقة علي الجدران‏..‏ شاهد الحديقة والزهور الجميلة‏..‏ وعندما رجع إلي الحكيم قص عليه بالتفصيل ما رأي‏..‏ فسأله الحكيم‏:‏ ولكن أين قطرتا الزيت اللتان عهدت بهما إليك؟‏..‏ نظر الفتي إلي الملعقة فلاحظ أنهما انسكبتا‏..‏ فقال له حكم الحكماء‏:‏

تلك هي النصيحة التي أستطيع أن أسديها إليك سر السعادة هو أن تري روائع الدنيا وتستمتع بها دون أن تسكب أبدا قطرتي الزيت‏.‏

فهم الفتي مغزي القصة فالسعادة هي حاصل ضرب التوازن بين الأشياء‏,‏ وقطرتا الزيت هما الستر والصحة‏..‏ فهما التعويذة الناجحة ضد التعاسة‏.‏

يقول إدوارد دي بونو أفضل تعريف للتعاسة هو انها تمثل الفجوة بين قدراتنا وتوقعاتنا‏..‏

اننا نعيش في هذه الحياة بعقلية السنجاب‏..‏ فالسناجب تفتقر إلي القدرة علي التنظيم رغم نشاطها وحيويتها‏..‏ فهي تقضي عمرها في قطف وتخزين ثمار البندق بكميات أكبربكثير من قدر حاجتها.
فتى النهارش غير متصل   رد مع اقتباس