صالح الكليب
12-28-2005, 01:00 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم وبعد :
فالله الله ياأهل السنة فاتحدوا وتآلفوا وتوادوا فيما بينكم فإنكم والله قليل بل أقل من القليل وادع الله تعالى يؤلف بين قلوبكم يوحد صفكم {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (لأنفال:63)
واعلموا أنه قد لاينظر لكم ولايرفع لكم رأسا عند كثير من الناس وانتم غرباء حقا في أوطانكم وبين أهليكم بل وفي جوف بيوتكم فاللهم غفر اللهم غفرا ، قال البخاري رحمه الله : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ وَابْنُ أَبِى عُمَرَ جَمِيعًا عَنْ مَرْوَانَ الْفَزَارِىِّ قَالَ ابْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ عَنْ يَزِيدَ - يَعْنِى ابْنَ كَيْسَانَ - عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ».. نعم تلك بشرى لكم ياأهل السنة طوبى للغرباء
وليس هذا حالكم أنتم اليوم بل هو ماكان عليه سلفنا الأول في عهد نبينا صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن صار على طريقهم والغربة ماضية أبدا مابقي الحق والباطل .
قال البربهاري رحمه الله:
(واعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة قيل: من هم يا رسول الله? قال: ما أنا عليه اليوم وأصحابي" هكذا كان الدين إلى خلافة عمر بن الخطاب الجماعة كلها وهكذا في زمن عثمان: فلما قتل عثمان رضي الله عنه: جاء الاختلاف والبدع وصار الناس فرقاً فمن الناس من ثبت على الحق عند أول التغيير وقال به وعمل به ودعا إليه وكان الأمر مستقيماً حتى كانت الطبقة الرابعة: انقلب الزمان وتغير الناس جداً وفشت البدع وكثر الدعاة إلى غير سبيل الحق والجماعة ووقعت المحنة في كل شيء لم يتكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الصحابة ودعوا إلى الفرقة وقد نهى الله عز وجل عن الفرقة وكفر بعضهم بعضاً وكل دعاء إلى رأيه وإلى تكفير من خالفه فضل الجهال والرعاع ومن لا علم له وأطمعوا الناس في شيء من أمر الدنيا وخوفوهم عقاب الدنيا فاتبعهم الخلق على خوف في دنياهم ورغبة في دنياهم فصارت السنة وأهل السنة مكتومين وظهرت البدعة وفشت وكفروا من حيث لا يعلمون من وجوه شتى ووضعوا القياس وحملوا قدرة الرب وآياته وأحكامه وأمره ونهيه على عقولهم وآرائهم فما وافق عقولهم قبلوه وما خالف عقولهم ردوه فصار الإسلام غريباً والسنة غريبة وأهل السنة غرباء في جوف ديارهم ). شرح السنة للبربهاري :336-337.
إخواني أهل السنة – كونوا إخوانا في الله متحابين معتصمين بالكتاب والسنة حقا على فهم سلف هذه الأمة صدقا وتذكروا قول ربكم : {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (آل عمران:103)
فالأخوة والله نعمة عظيمة من حرمها حرم خيرا كثيرا انظروا أخوة نبيكم صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه فقد أخرج البخاري في صحيحه قال : ((حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ خَطَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ » . فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَقُلْتُ فِى نَفْسِى مَا يُبْكِى هَذَا الشَّيْخَ إِنْ يَكُنِ اللَّهُ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ الْعَبْدَ ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا . قَالَ « يَا أَبَا بَكْرٍ لاَ تَبْكِ ، إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَىَّ فِى صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً مِنْ أُمَّتِى لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ وَمَوَدَّتُهُ ، لاَ يَبْقَيَنَّ فِى الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلاَّ سُدَّ إِلاَّ بَابُ أَبِى بَكْرٍ » .
أين نحن من قوله صلى الله عليه وسلم : فيما حدث به البخاري قال : حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - . وَعَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ » ورواه مسلم . ووالله إن هذه الأخوة الصادقة لمن خصال الإيمان فقد ترجم العلماء في صحيح مسلم لهذا الحديث : باب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مِنْ خِصَالِ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لأَخِيهِ الْمُسْلِمِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنَ الْخَيْرِ.
انظروا إلى هذا التآخي إلى أي درجة وصل بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقد بوب البخاري بابا قال فيه : باب قَوْلِ الرَّجُلِ لأَخِيهِ انْظُرْ أَىَّ زَوْجَتَىَّ شِئْتَ حَتَّى أَنْزِلَ لَكَ عَنْهَا .
رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ .
وقال البخاري : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِى تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى » .
وانظروا إلى حرص نبينا صلى الله عليه وسلم على بقاء تلك الأخوة الصادقة وأن لايبقى بين الأخ وأخيه شحناء أو بغضاء أو مظلمة ظلمها إياه ، مماهو وللأسف منتشر اليوم بين كثير من الإخوة غير مبالين بالتوجيهات القرآنية والنبوية : قال البخاري : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ لأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا ، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ ، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ » .
فهل نحن ياإخوتاه تمثلنا تلك المودة الصادقة والأخوة والألفة بيننا ؟ والعشرة فيما بيننا وبين أهلينا ؟ وهل كنا حقا رحماء فيما بيننا ؟ ألم تسمعوا قول الله تعالى {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيما} (الفتح:29)
لنعود لأنفسنا ولنحاسبها قبل أن تحاسب في يوم قال الله فيه : {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ} (الشعراء:88) {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (الشعراء:89)
فهل سلمت قلوبنا لبعضنا البعض ؟ هل نحن أهل لتك الأخوة الحقة الصادقة ؟
كم منا إخواني من ينتظر زلة لأخيه؟ ليطعن عليه ولايداريه ولايناصحه ولايخاف عليه بل تراه لايبالي إن سبه أو شتمه أو هجره أو شهر به فلاحول ولاقوة الا بالله تعالى . ولست أعني التلين في دين الله تعالى على حساب الحق أبدا ولكني أعني أنه ليس لبعضنا اهتمام بأخيه في مناصحة أو مودة أو تأليف للقلوب وإلى الله المشتكى .
الحمد لله وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم وبعد :
فالله الله ياأهل السنة فاتحدوا وتآلفوا وتوادوا فيما بينكم فإنكم والله قليل بل أقل من القليل وادع الله تعالى يؤلف بين قلوبكم يوحد صفكم {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (لأنفال:63)
واعلموا أنه قد لاينظر لكم ولايرفع لكم رأسا عند كثير من الناس وانتم غرباء حقا في أوطانكم وبين أهليكم بل وفي جوف بيوتكم فاللهم غفر اللهم غفرا ، قال البخاري رحمه الله : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ وَابْنُ أَبِى عُمَرَ جَمِيعًا عَنْ مَرْوَانَ الْفَزَارِىِّ قَالَ ابْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ عَنْ يَزِيدَ - يَعْنِى ابْنَ كَيْسَانَ - عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ».. نعم تلك بشرى لكم ياأهل السنة طوبى للغرباء
وليس هذا حالكم أنتم اليوم بل هو ماكان عليه سلفنا الأول في عهد نبينا صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن صار على طريقهم والغربة ماضية أبدا مابقي الحق والباطل .
قال البربهاري رحمه الله:
(واعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة قيل: من هم يا رسول الله? قال: ما أنا عليه اليوم وأصحابي" هكذا كان الدين إلى خلافة عمر بن الخطاب الجماعة كلها وهكذا في زمن عثمان: فلما قتل عثمان رضي الله عنه: جاء الاختلاف والبدع وصار الناس فرقاً فمن الناس من ثبت على الحق عند أول التغيير وقال به وعمل به ودعا إليه وكان الأمر مستقيماً حتى كانت الطبقة الرابعة: انقلب الزمان وتغير الناس جداً وفشت البدع وكثر الدعاة إلى غير سبيل الحق والجماعة ووقعت المحنة في كل شيء لم يتكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الصحابة ودعوا إلى الفرقة وقد نهى الله عز وجل عن الفرقة وكفر بعضهم بعضاً وكل دعاء إلى رأيه وإلى تكفير من خالفه فضل الجهال والرعاع ومن لا علم له وأطمعوا الناس في شيء من أمر الدنيا وخوفوهم عقاب الدنيا فاتبعهم الخلق على خوف في دنياهم ورغبة في دنياهم فصارت السنة وأهل السنة مكتومين وظهرت البدعة وفشت وكفروا من حيث لا يعلمون من وجوه شتى ووضعوا القياس وحملوا قدرة الرب وآياته وأحكامه وأمره ونهيه على عقولهم وآرائهم فما وافق عقولهم قبلوه وما خالف عقولهم ردوه فصار الإسلام غريباً والسنة غريبة وأهل السنة غرباء في جوف ديارهم ). شرح السنة للبربهاري :336-337.
إخواني أهل السنة – كونوا إخوانا في الله متحابين معتصمين بالكتاب والسنة حقا على فهم سلف هذه الأمة صدقا وتذكروا قول ربكم : {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (آل عمران:103)
فالأخوة والله نعمة عظيمة من حرمها حرم خيرا كثيرا انظروا أخوة نبيكم صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه فقد أخرج البخاري في صحيحه قال : ((حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ خَطَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ » . فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَقُلْتُ فِى نَفْسِى مَا يُبْكِى هَذَا الشَّيْخَ إِنْ يَكُنِ اللَّهُ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ الْعَبْدَ ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا . قَالَ « يَا أَبَا بَكْرٍ لاَ تَبْكِ ، إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَىَّ فِى صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً مِنْ أُمَّتِى لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ وَمَوَدَّتُهُ ، لاَ يَبْقَيَنَّ فِى الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلاَّ سُدَّ إِلاَّ بَابُ أَبِى بَكْرٍ » .
أين نحن من قوله صلى الله عليه وسلم : فيما حدث به البخاري قال : حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - . وَعَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ » ورواه مسلم . ووالله إن هذه الأخوة الصادقة لمن خصال الإيمان فقد ترجم العلماء في صحيح مسلم لهذا الحديث : باب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مِنْ خِصَالِ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لأَخِيهِ الْمُسْلِمِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنَ الْخَيْرِ.
انظروا إلى هذا التآخي إلى أي درجة وصل بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقد بوب البخاري بابا قال فيه : باب قَوْلِ الرَّجُلِ لأَخِيهِ انْظُرْ أَىَّ زَوْجَتَىَّ شِئْتَ حَتَّى أَنْزِلَ لَكَ عَنْهَا .
رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ .
وقال البخاري : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِى تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى » .
وانظروا إلى حرص نبينا صلى الله عليه وسلم على بقاء تلك الأخوة الصادقة وأن لايبقى بين الأخ وأخيه شحناء أو بغضاء أو مظلمة ظلمها إياه ، مماهو وللأسف منتشر اليوم بين كثير من الإخوة غير مبالين بالتوجيهات القرآنية والنبوية : قال البخاري : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ لأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا ، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ ، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ » .
فهل نحن ياإخوتاه تمثلنا تلك المودة الصادقة والأخوة والألفة بيننا ؟ والعشرة فيما بيننا وبين أهلينا ؟ وهل كنا حقا رحماء فيما بيننا ؟ ألم تسمعوا قول الله تعالى {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيما} (الفتح:29)
لنعود لأنفسنا ولنحاسبها قبل أن تحاسب في يوم قال الله فيه : {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ} (الشعراء:88) {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (الشعراء:89)
فهل سلمت قلوبنا لبعضنا البعض ؟ هل نحن أهل لتك الأخوة الحقة الصادقة ؟
كم منا إخواني من ينتظر زلة لأخيه؟ ليطعن عليه ولايداريه ولايناصحه ولايخاف عليه بل تراه لايبالي إن سبه أو شتمه أو هجره أو شهر به فلاحول ولاقوة الا بالله تعالى . ولست أعني التلين في دين الله تعالى على حساب الحق أبدا ولكني أعني أنه ليس لبعضنا اهتمام بأخيه في مناصحة أو مودة أو تأليف للقلوب وإلى الله المشتكى .