ابراهيم الشدي
12-25-2005, 10:10 PM
في التجربة الشعرية
التجربة الشعرية عبارة عن منظومة حالات نفسية مكثفة ، تنبثق عن عوامل و دوافع مختلفة وعديدة ؛إذ أن قضية البيئة ومقاربتها تبدو شائكة وصعبة ، وأنه لا يمكن إيضاح هذه العوامل بشكل حاسم .لكن يمكن ذكر أحداث حاسمة في حياة الشاعر، ومتابعة تحولاتها و تفاعلاتها ؛ والتي لعبت دورا رئيسيا في بلورة شاعريته . فالتجربة الفنية والشعرية خصوصا; يستحيل أن تتطابق عند شاعرين مهما كانا معاصرين ومتفقين في مسائل الوجود والكون والحياة ،أو تشابهت بيئتهما و وظروفهما ، وكانا ينتميان إلى مدرسة شعرية واحدة .
كل ّ فنان يرى إلى العالم مثلما يريد و رؤاه تتميز عن رؤية الآخرين. وثمة فارق بين معرفة الفيلسوف والمتصوف ؛ إذ كلاهما على دراية بالوجود وبالله ، لكنّ الأول يتحسس الله خلال إدراكه الوجود و فهم علله ؛ لكن المتصوف يختلف عنه بأنه يرى الله أولا، ومن ثم يحسّ بالعالم في نور الحق ؛ فهو يرى الله في كل شئ ، إذ قبل أن يرى الشيء يتراءى له الله .
أتيت بالمثال أعلاه لأنّي أرى تشابها بين طرائق التجريب عند الفنان و المتصوف . كلاهما يكدّسان حالات جوانية مكثّفة ؛ فيضفيان شخصيتهما وصبغتهما على عوالمهما، و يبلورانها وفق أذواقهما ، و بأدواتهما الخاصة , فيتجاوزان اللغة المألوفة سعيا وراء آفاق لغوية أوسع . الفنان ينبهر أمام الوجود ، و كثر ما يؤدي انبهاره ذاك إلى الانبهار بالنفس – النرجسية - والذي سيطبع حياته بطابعه و يحركه فنيا وشعريا. لذلك نرى الناس العاديين و الذين وسيلتهم العقل فقط في فهم الوجود نادرا ما يفهمون الشاعر، فانّه يبدو لهم غير مألوف بمظهر غير رسمي وغير مصمم من قبل بيئته الرسمية ؛ حيث انه يرتدي أزياء من هندسة خياله .
يقول اوكتافيو ﭙاز:
الأسماك ضياء في قلب البحر المظلم
والطيور نور في ليل الغابة الدامس
وعظامنا كذلك
برقٌ في ظلام الجسد
آه! فالعالم كله ليل
والحياة فيه ضياء .
في المقطع الشعري أعلاه ؛ يبني باز عالما من نسيج خياله وفق رؤيته الخاصة للكون والوجود.
وشاعر صيني يقول:
" أمس ؛ رأيتني فراشة ؛ والآن لا أدري إن كنت إنسانا لقي نفسه فراشة في الحلم ، أم فراشة رأى نفسه إنسانا في حلم الآخرين "
إن ّتبدلات الحلم و الواقع ليست خاصة بالفنانين بل بكل إنسان ؛ لكن الفنانين هم يعترفون بطرفي المسألة ولا يضحون بأحدهما على مذبح الآخر .
فالشعراء كثرما يتناولون الحلم بحيث لا يكون أمام مخاطبيهم أو جمهورهم سوى القبول برؤاهم ، و في الكثير من الأحيان تهتز الأرض من تحتهم من اثر تصوير الشعراء لواقعهم كسراب ؛ فلولا الالقاءات الرؤيوية للشعراء لكان العالم بشكل آخر؛ و ما كانت الوردة جميلة مثلما نتصور، ولم تكن لكلمة "الحب" ذلك السحر والجلال
يقول الشاعر العرفاني نسيمي:
نملك علامة اللامعلوم ... و نعرف لغة اللالغة
نحن من نطفة .. غدونا نبع الحياة
نحن أطفال في أيام الشيخومة ... و شيوخ في عالم الشباب
إن لم يكن لنا مكان في هذاغ العصر .... نقول إننا من علامات اللامكان
فنحن سيمرغ عالم اللامكان .... و مقصود الأرض و السماء
التجربة الشعرية عبارة عن منظومة حالات نفسية مكثفة ، تنبثق عن عوامل و دوافع مختلفة وعديدة ؛إذ أن قضية البيئة ومقاربتها تبدو شائكة وصعبة ، وأنه لا يمكن إيضاح هذه العوامل بشكل حاسم .لكن يمكن ذكر أحداث حاسمة في حياة الشاعر، ومتابعة تحولاتها و تفاعلاتها ؛ والتي لعبت دورا رئيسيا في بلورة شاعريته . فالتجربة الفنية والشعرية خصوصا; يستحيل أن تتطابق عند شاعرين مهما كانا معاصرين ومتفقين في مسائل الوجود والكون والحياة ،أو تشابهت بيئتهما و وظروفهما ، وكانا ينتميان إلى مدرسة شعرية واحدة .
كل ّ فنان يرى إلى العالم مثلما يريد و رؤاه تتميز عن رؤية الآخرين. وثمة فارق بين معرفة الفيلسوف والمتصوف ؛ إذ كلاهما على دراية بالوجود وبالله ، لكنّ الأول يتحسس الله خلال إدراكه الوجود و فهم علله ؛ لكن المتصوف يختلف عنه بأنه يرى الله أولا، ومن ثم يحسّ بالعالم في نور الحق ؛ فهو يرى الله في كل شئ ، إذ قبل أن يرى الشيء يتراءى له الله .
أتيت بالمثال أعلاه لأنّي أرى تشابها بين طرائق التجريب عند الفنان و المتصوف . كلاهما يكدّسان حالات جوانية مكثّفة ؛ فيضفيان شخصيتهما وصبغتهما على عوالمهما، و يبلورانها وفق أذواقهما ، و بأدواتهما الخاصة , فيتجاوزان اللغة المألوفة سعيا وراء آفاق لغوية أوسع . الفنان ينبهر أمام الوجود ، و كثر ما يؤدي انبهاره ذاك إلى الانبهار بالنفس – النرجسية - والذي سيطبع حياته بطابعه و يحركه فنيا وشعريا. لذلك نرى الناس العاديين و الذين وسيلتهم العقل فقط في فهم الوجود نادرا ما يفهمون الشاعر، فانّه يبدو لهم غير مألوف بمظهر غير رسمي وغير مصمم من قبل بيئته الرسمية ؛ حيث انه يرتدي أزياء من هندسة خياله .
يقول اوكتافيو ﭙاز:
الأسماك ضياء في قلب البحر المظلم
والطيور نور في ليل الغابة الدامس
وعظامنا كذلك
برقٌ في ظلام الجسد
آه! فالعالم كله ليل
والحياة فيه ضياء .
في المقطع الشعري أعلاه ؛ يبني باز عالما من نسيج خياله وفق رؤيته الخاصة للكون والوجود.
وشاعر صيني يقول:
" أمس ؛ رأيتني فراشة ؛ والآن لا أدري إن كنت إنسانا لقي نفسه فراشة في الحلم ، أم فراشة رأى نفسه إنسانا في حلم الآخرين "
إن ّتبدلات الحلم و الواقع ليست خاصة بالفنانين بل بكل إنسان ؛ لكن الفنانين هم يعترفون بطرفي المسألة ولا يضحون بأحدهما على مذبح الآخر .
فالشعراء كثرما يتناولون الحلم بحيث لا يكون أمام مخاطبيهم أو جمهورهم سوى القبول برؤاهم ، و في الكثير من الأحيان تهتز الأرض من تحتهم من اثر تصوير الشعراء لواقعهم كسراب ؛ فلولا الالقاءات الرؤيوية للشعراء لكان العالم بشكل آخر؛ و ما كانت الوردة جميلة مثلما نتصور، ولم تكن لكلمة "الحب" ذلك السحر والجلال
يقول الشاعر العرفاني نسيمي:
نملك علامة اللامعلوم ... و نعرف لغة اللالغة
نحن من نطفة .. غدونا نبع الحياة
نحن أطفال في أيام الشيخومة ... و شيوخ في عالم الشباب
إن لم يكن لنا مكان في هذاغ العصر .... نقول إننا من علامات اللامكان
فنحن سيمرغ عالم اللامكان .... و مقصود الأرض و السماء