ولد العيون
05-01-2005, 06:07 PM
بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فسيكون حديثنا اليوم عن حقوق الأولاد هذه النعمة العظيمة التي أمتن الله بها على عباده وهي نعمة الولد ؛ إنما تكون نعمة حقيقية إذا قام الوالدان بحقها وحقوقها وأحسنا في رعايتها ، وقد جاءت نصوص كتاب الله وسنة النبي- صلى الله عليه وسلم- تبين المنهج الأكمل والطريق الأمثل في تربية الأولاد .
الأولاد... نعمة من نعم الله- عز وجل -، هذه النعمة رفعت الأكف إلى الله بالضراعة أن يكرم أصحابها بها، فقال الله عن نبي من أنبيائه : { رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ } .
وقال الله عن عباده الأخيار: { وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً }.
الأولاد والذرية تقر بهم العيون وتبتهج بهم النفوس وتطمئن إليهم القلوب إذا طابوا وقام الوالدان على رعاية الأولاد والعناية بهم وأداء حقوقهم كاملة على الوجه الذي يرضي الله- عز وجل -.
وحقوق الأولاد قسمها العلماء إلى قسمين:
القسم الأول : ما يسبق وجود الولد
والقسم الثاني : ما يكون بعد وجوده .
فالله حمل الوالدين المسئولية عن الولد قبل وجود الولد وحملهما المسئولية عن تربيته ورعايته والقيام بحقوقه بعد وجوده .
وسنذكر ذلك بتوسع أكثر ان شالله تعالى .
أولا
الحقوق الواجبة على الوالدين فيما يسبق وجود الولد :-
يجب على الوالد ويجب على الوالدة أن يحسنا الاختيار ، فيختار الأب لأولاده أما صالحة ترعى حقوقهم وتقوم على شئونهم ، أماً أمينة تحفظ ولا تضيع وعلى الأم أيضاً أن تختار زوجاً صالحاً يحفظ أولادها ويقوم على ذريتها فاختيار الزوج والزوجة حق من حقوق الولد
، ولذلك قال-صلى الله عليه وسلم-: (( تنكح المرأة لأربع ، لدينها وجمالها ومالها وحسبها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك )) .
اظفر بذات الدين حتى ترعى الذرية وتقوم على إصلاحها وتربيتا على نهج ربها ، اظفر غنيمة وفوز
وكذلك المرأة تختار الزوج الصالح الذي ترضى دينه وأمانته وخلقه وإذا أساء الرجل في اختيار زوجته ونظر إلى حظه العاجل من جمال ومال ونسي حقوق أولاده فإن الله يحاسبه حتى ذكر بعض العلماء : أن الزوج لو أختار الزوجة وعلم أنها لا تحسن إلى ذريته من بعده فإن الله يحمله الإثم والوزر لما يكون منها من إساءة إلى ولده ، وكذلك المرأة إذا لم تحسن الاختيار لزوجها وعلمت أنه زوج يضيع حقوق أولاده وفرطت وتساهلت وضيعت فإن الله يحاسبها عما يكون من إثم ذلك الزوج وأذيته لأولادها.
ثانيا
الحقوق الواجبة على الوالدين فيما بعد وجود الولد :-
فأول ما ينبغي على الوالد والوالدة إذا رأيا الولد أن يحمدا الله على هذه النعمة وأن يتذكرا العقيم الذي لا ذريه له وأن يسأل الله خير هذا الولد وخير ما فيه فكم من ولد أشقى والديه وكم من ولد أسعد والديه فيسأل الله خيره وخير ما فيه ويستعيذ به من شره ويعوذ بالله من ذرية السوء .
1- إثبات النسب -
إن إثبات النسب حق لله عز وجل ، وللطفل وللأب وللأم ، إذ إنه بهذا الإثبـات يصان الولد من الضيـاع والتشرد ، إلى جانب المحافظة على المجتمع من شيـوع الفواحش وانتشار اللقطاء . كما أن إثبات النسب ترتب عليه حقوق أخـرى مثل الولاية في الصغر ، والإنفاق والإرث ، وغير ذلك من الأمور التي يمكن مراجعتـها في كتب الفقه . وقد ورد التحذير الشديد لمن أنكر ولده وجحـد نسبه فقال عليه الصلاة والسلام :[ أيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه، احتجب الله منه ، وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين ] . ( رواه الدارمي ) . كما ورد أيضاً التحذير والوعيد لمن انتسب إلى غير أبيه وهو يعلم .. وهكذا تحصـن الشريعة المجتمع من شيـوع الفساد ، وتمنع أسباب قطيعة الأرحام ، وظلم الذرية ، واختلاط الأنساب .
2- الأذان في أذن المولود-
ويستحب حين الولادة أن يقوم الوالد بالأذان في أذن المولود اليمنى ، وأن يقيم في اليسرى ، وذلك ليكون أول شيء يصل إلى المولود من أمور الحياة بعد الهـواء هو التوحيد المنافي للشرك ، فلا ينـبغي إهمال هذه السنة محتـجين بأن الطفل لا يعي ذلك لصغر سنه ، فإن واعية الطفل تحفظ نبرات وتقطيعات الأذان ، ولو لم يكن في هذا العمل كله سوى الاقتداء بالرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام لكفانا ذلك حجة للقيام بها
عن عبيد الله ابن أبي رافع عن أبيه رضي الله عنه قال : رأيت رسـول الله صلى الله عليه وسلم أذّن في أذن الحسـين حين ولدته فاطمة رضي الله عنها ، وبهـذه السنة يحفظ المولود عند أول خروجه إلى الحيـاة من الشيطان ، ويقع في نفسه التوحيـد الموافق للفطرة - المركوزة فيه أصلاً - فيكون ذلك له خيراً عند كبره وبلوغه بإذن الله تعالى .
3-التحنيك-
التحنيـك سنة مؤكدة من سنن الهدى التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته ، فكان عليه الصلاة والسلام يؤتى بالصبيان فيدعو لهم ويحنكهم . والطريقة في هذه السنة كما هي في الحديث السابق : أن يأخذ الأب - أو من يراه من العلماء أو الصالحين من الأقرباء أو الجيران أو الأصدقاء ، ممن عرفت سـيرته بالصلاح والخير - تمرة ثم يمضغها في فمه مضغاً جيداً ، ثم يأخذ بعضاً منها بأصبعه فيضعه في حنك الغلام ويدلكه من الداخل ، متأكداً من وصول بعضه إلى الجوف ، فإن لم يجد تمراً حنكه بأي حلو. ومعجون التمر أفضل اقتداءاً بالرسول عليه الصلاة السلام . كما أن غدد الفم تستجيب لحلاوة التمر إنسجاماً مع الفطرة . وقد تبدو العلاقة هنا مادية بحتـة ، غير أن الأثر الذي يخلفه هذا التذوق في الفم يختزن في الواعية ويكون مع مرور الزمن مدعاة لكل حلاوة ، ونفوراً من كل قبيح، واستقبالاً لكل جميل .
3-التسمية-
أن يختار له أفضل الأسماء وأكرمها لأن الأسماء تشحذ الهمم على التأسي بالقدوة ، ولذلك قال بعض العلماء : خير ما يختار الأسماء الصالحة وأسماء الأنبياء والعلماء والفضلاء لأنها تشحذ همة المسمى إلى أن يقتدي وأن يأتسي قال-صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح البخاري : (( ولد لي الليلة ابن سميته على اسم أبي إبراهيم )) فسمي إبراهيم على اسم أبيه
ومن ذلك نستبعد الاتي في التسمية :
أ-
لا يجوز للوالدين أن يختارا الاسم المحرم وهو الاسم الذي يكون بالعبودية لغير الله كعبد العزى ونحو ذلك من الأسماء كعبد النبي وعبد الحسين ونحو ذلك من الأسماء التي يعبد فيها البشر للبشر ؛ وإنما ينبغي أن يعبد العباد لله جلا جلاله وهي الأسماء المحرمة .
ب-
ينبغي أن يجنب الولد الأسماء القبيحة والأسماء المذمومة والممقوتة والمستوحش منها
ج-
الأسماء التي يشترك فيها الذكـور والإناث مثل (ناهد، وعصمت ، وإحسان وغيرها )
أما عن موعد التسمية ، فإن في الأمر سعة، فله أن يسميه في الوقت الذي يشاء من أول يوم ولادته ، أو في السابع ، أو بعده ، ففي الأمر ولله الحمد سعة .
4-العقيقة-
تعني : ذبح شاة عن المولود يوم سابعه ، وهي سنة مؤكدة عند جمهور العلماء ، قال عليه الصلاة والسلام : [عن الغلام شاتان مكافيئتان ، وعن الجارية شاه ] ، وعند الإمام مالك رحمه الله : عن الذكر شـاة واحدة كالأنثى ، مراعياً أن تكون من أفضل النَّعم ، غير عوراء ، أو عرجاء ، أو مريضة ، ولا يبيع شيئاً من لحمها أو جلدها ، إنما يأكل الأهلُ منها، ويتصدقون ببعضها ، كما كره رحمه الله أن يجمع عليها الناس فتكون كالوليمة، بل أمر بطبخها والأكل منها ، والإهداء ولا يصح فيها إشراك مولودين في شاة واحدة ، بل لكل مولود شاة .
5- الحلق-
حلق رأس المولود بالموسى من السنـة ، ويكون ذلك في اليوم السـابع من ولادة المولود ، ثم يتصدق عن المولود بما يعادل وزن شعره من الذهب أو الفضة ، فقـد وردت السنة بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولدت السيدة فاطمة رضي الله عنها قال لهـا صلى الله عليه وسلم : [ زني شعر الحسين وتصدقي بوزنه فضة ] . رواه الحاكم (أما وقت الحلاقة فقد ذهب بعض العلماء إلى أنه في وقت ذبح العقيقة، وذهب آخرون إلى أنه يسبق العقيقة ليتميز عن مناسك الحج. )
6-الختان-
الختان : هو إزالة الجلدة الموجودة على رأس الذكر ، وهو من سنن الفطرة المباركة الواردة في الشرع ، وله فوائـده الصحية الكثيرة ، فمنها : أنه يقـلل من أسباب الإصابة بمرض السرطان الخبيث ، ويقلل من سلس البول الليلي الذي يكـثر عند الأطفال ، إلى جانب أنه يجنب الطفل كثرة العبث بأعضائه التناسـلية أما موعد الختان فقد اختلف فيه العلماء وقد رجح بعض العلماء أن يتم الختان في الأيام الأولى من عمر الصبي ، وذلك لسهولته ، وسرعة شفـاء جرحه.
المراجع /
من كتاب "مسئولية الأب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة"
ومقالة الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي وهذا فيما يتعلق في حقوق الولد المعيشية والحياتية
وفي العدد القادم سوف أتطرق إلى مسؤولية الأب في التربية والتعليم .
وأسأل الله العظيم ، رب العرش الكريم ، أن يعصمنا من الزلل ، وأن يوفقنا في القول والعمل ، أنه المرجو والأمل ، والله - تعالى - أعلم .
وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحمَـْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَميْنَ وصلَّى اللَّهُ وسلَّم وبارك على عبده ونبيّه محمد وعلى آله وصحبه أجمعيــــــــــن
فسيكون حديثنا اليوم عن حقوق الأولاد هذه النعمة العظيمة التي أمتن الله بها على عباده وهي نعمة الولد ؛ إنما تكون نعمة حقيقية إذا قام الوالدان بحقها وحقوقها وأحسنا في رعايتها ، وقد جاءت نصوص كتاب الله وسنة النبي- صلى الله عليه وسلم- تبين المنهج الأكمل والطريق الأمثل في تربية الأولاد .
الأولاد... نعمة من نعم الله- عز وجل -، هذه النعمة رفعت الأكف إلى الله بالضراعة أن يكرم أصحابها بها، فقال الله عن نبي من أنبيائه : { رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ } .
وقال الله عن عباده الأخيار: { وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً }.
الأولاد والذرية تقر بهم العيون وتبتهج بهم النفوس وتطمئن إليهم القلوب إذا طابوا وقام الوالدان على رعاية الأولاد والعناية بهم وأداء حقوقهم كاملة على الوجه الذي يرضي الله- عز وجل -.
وحقوق الأولاد قسمها العلماء إلى قسمين:
القسم الأول : ما يسبق وجود الولد
والقسم الثاني : ما يكون بعد وجوده .
فالله حمل الوالدين المسئولية عن الولد قبل وجود الولد وحملهما المسئولية عن تربيته ورعايته والقيام بحقوقه بعد وجوده .
وسنذكر ذلك بتوسع أكثر ان شالله تعالى .
أولا
الحقوق الواجبة على الوالدين فيما يسبق وجود الولد :-
يجب على الوالد ويجب على الوالدة أن يحسنا الاختيار ، فيختار الأب لأولاده أما صالحة ترعى حقوقهم وتقوم على شئونهم ، أماً أمينة تحفظ ولا تضيع وعلى الأم أيضاً أن تختار زوجاً صالحاً يحفظ أولادها ويقوم على ذريتها فاختيار الزوج والزوجة حق من حقوق الولد
، ولذلك قال-صلى الله عليه وسلم-: (( تنكح المرأة لأربع ، لدينها وجمالها ومالها وحسبها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك )) .
اظفر بذات الدين حتى ترعى الذرية وتقوم على إصلاحها وتربيتا على نهج ربها ، اظفر غنيمة وفوز
وكذلك المرأة تختار الزوج الصالح الذي ترضى دينه وأمانته وخلقه وإذا أساء الرجل في اختيار زوجته ونظر إلى حظه العاجل من جمال ومال ونسي حقوق أولاده فإن الله يحاسبه حتى ذكر بعض العلماء : أن الزوج لو أختار الزوجة وعلم أنها لا تحسن إلى ذريته من بعده فإن الله يحمله الإثم والوزر لما يكون منها من إساءة إلى ولده ، وكذلك المرأة إذا لم تحسن الاختيار لزوجها وعلمت أنه زوج يضيع حقوق أولاده وفرطت وتساهلت وضيعت فإن الله يحاسبها عما يكون من إثم ذلك الزوج وأذيته لأولادها.
ثانيا
الحقوق الواجبة على الوالدين فيما بعد وجود الولد :-
فأول ما ينبغي على الوالد والوالدة إذا رأيا الولد أن يحمدا الله على هذه النعمة وأن يتذكرا العقيم الذي لا ذريه له وأن يسأل الله خير هذا الولد وخير ما فيه فكم من ولد أشقى والديه وكم من ولد أسعد والديه فيسأل الله خيره وخير ما فيه ويستعيذ به من شره ويعوذ بالله من ذرية السوء .
1- إثبات النسب -
إن إثبات النسب حق لله عز وجل ، وللطفل وللأب وللأم ، إذ إنه بهذا الإثبـات يصان الولد من الضيـاع والتشرد ، إلى جانب المحافظة على المجتمع من شيـوع الفواحش وانتشار اللقطاء . كما أن إثبات النسب ترتب عليه حقوق أخـرى مثل الولاية في الصغر ، والإنفاق والإرث ، وغير ذلك من الأمور التي يمكن مراجعتـها في كتب الفقه . وقد ورد التحذير الشديد لمن أنكر ولده وجحـد نسبه فقال عليه الصلاة والسلام :[ أيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه، احتجب الله منه ، وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين ] . ( رواه الدارمي ) . كما ورد أيضاً التحذير والوعيد لمن انتسب إلى غير أبيه وهو يعلم .. وهكذا تحصـن الشريعة المجتمع من شيـوع الفساد ، وتمنع أسباب قطيعة الأرحام ، وظلم الذرية ، واختلاط الأنساب .
2- الأذان في أذن المولود-
ويستحب حين الولادة أن يقوم الوالد بالأذان في أذن المولود اليمنى ، وأن يقيم في اليسرى ، وذلك ليكون أول شيء يصل إلى المولود من أمور الحياة بعد الهـواء هو التوحيد المنافي للشرك ، فلا ينـبغي إهمال هذه السنة محتـجين بأن الطفل لا يعي ذلك لصغر سنه ، فإن واعية الطفل تحفظ نبرات وتقطيعات الأذان ، ولو لم يكن في هذا العمل كله سوى الاقتداء بالرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام لكفانا ذلك حجة للقيام بها
عن عبيد الله ابن أبي رافع عن أبيه رضي الله عنه قال : رأيت رسـول الله صلى الله عليه وسلم أذّن في أذن الحسـين حين ولدته فاطمة رضي الله عنها ، وبهـذه السنة يحفظ المولود عند أول خروجه إلى الحيـاة من الشيطان ، ويقع في نفسه التوحيـد الموافق للفطرة - المركوزة فيه أصلاً - فيكون ذلك له خيراً عند كبره وبلوغه بإذن الله تعالى .
3-التحنيك-
التحنيـك سنة مؤكدة من سنن الهدى التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته ، فكان عليه الصلاة والسلام يؤتى بالصبيان فيدعو لهم ويحنكهم . والطريقة في هذه السنة كما هي في الحديث السابق : أن يأخذ الأب - أو من يراه من العلماء أو الصالحين من الأقرباء أو الجيران أو الأصدقاء ، ممن عرفت سـيرته بالصلاح والخير - تمرة ثم يمضغها في فمه مضغاً جيداً ، ثم يأخذ بعضاً منها بأصبعه فيضعه في حنك الغلام ويدلكه من الداخل ، متأكداً من وصول بعضه إلى الجوف ، فإن لم يجد تمراً حنكه بأي حلو. ومعجون التمر أفضل اقتداءاً بالرسول عليه الصلاة السلام . كما أن غدد الفم تستجيب لحلاوة التمر إنسجاماً مع الفطرة . وقد تبدو العلاقة هنا مادية بحتـة ، غير أن الأثر الذي يخلفه هذا التذوق في الفم يختزن في الواعية ويكون مع مرور الزمن مدعاة لكل حلاوة ، ونفوراً من كل قبيح، واستقبالاً لكل جميل .
3-التسمية-
أن يختار له أفضل الأسماء وأكرمها لأن الأسماء تشحذ الهمم على التأسي بالقدوة ، ولذلك قال بعض العلماء : خير ما يختار الأسماء الصالحة وأسماء الأنبياء والعلماء والفضلاء لأنها تشحذ همة المسمى إلى أن يقتدي وأن يأتسي قال-صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح البخاري : (( ولد لي الليلة ابن سميته على اسم أبي إبراهيم )) فسمي إبراهيم على اسم أبيه
ومن ذلك نستبعد الاتي في التسمية :
أ-
لا يجوز للوالدين أن يختارا الاسم المحرم وهو الاسم الذي يكون بالعبودية لغير الله كعبد العزى ونحو ذلك من الأسماء كعبد النبي وعبد الحسين ونحو ذلك من الأسماء التي يعبد فيها البشر للبشر ؛ وإنما ينبغي أن يعبد العباد لله جلا جلاله وهي الأسماء المحرمة .
ب-
ينبغي أن يجنب الولد الأسماء القبيحة والأسماء المذمومة والممقوتة والمستوحش منها
ج-
الأسماء التي يشترك فيها الذكـور والإناث مثل (ناهد، وعصمت ، وإحسان وغيرها )
أما عن موعد التسمية ، فإن في الأمر سعة، فله أن يسميه في الوقت الذي يشاء من أول يوم ولادته ، أو في السابع ، أو بعده ، ففي الأمر ولله الحمد سعة .
4-العقيقة-
تعني : ذبح شاة عن المولود يوم سابعه ، وهي سنة مؤكدة عند جمهور العلماء ، قال عليه الصلاة والسلام : [عن الغلام شاتان مكافيئتان ، وعن الجارية شاه ] ، وعند الإمام مالك رحمه الله : عن الذكر شـاة واحدة كالأنثى ، مراعياً أن تكون من أفضل النَّعم ، غير عوراء ، أو عرجاء ، أو مريضة ، ولا يبيع شيئاً من لحمها أو جلدها ، إنما يأكل الأهلُ منها، ويتصدقون ببعضها ، كما كره رحمه الله أن يجمع عليها الناس فتكون كالوليمة، بل أمر بطبخها والأكل منها ، والإهداء ولا يصح فيها إشراك مولودين في شاة واحدة ، بل لكل مولود شاة .
5- الحلق-
حلق رأس المولود بالموسى من السنـة ، ويكون ذلك في اليوم السـابع من ولادة المولود ، ثم يتصدق عن المولود بما يعادل وزن شعره من الذهب أو الفضة ، فقـد وردت السنة بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولدت السيدة فاطمة رضي الله عنها قال لهـا صلى الله عليه وسلم : [ زني شعر الحسين وتصدقي بوزنه فضة ] . رواه الحاكم (أما وقت الحلاقة فقد ذهب بعض العلماء إلى أنه في وقت ذبح العقيقة، وذهب آخرون إلى أنه يسبق العقيقة ليتميز عن مناسك الحج. )
6-الختان-
الختان : هو إزالة الجلدة الموجودة على رأس الذكر ، وهو من سنن الفطرة المباركة الواردة في الشرع ، وله فوائـده الصحية الكثيرة ، فمنها : أنه يقـلل من أسباب الإصابة بمرض السرطان الخبيث ، ويقلل من سلس البول الليلي الذي يكـثر عند الأطفال ، إلى جانب أنه يجنب الطفل كثرة العبث بأعضائه التناسـلية أما موعد الختان فقد اختلف فيه العلماء وقد رجح بعض العلماء أن يتم الختان في الأيام الأولى من عمر الصبي ، وذلك لسهولته ، وسرعة شفـاء جرحه.
المراجع /
من كتاب "مسئولية الأب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة"
ومقالة الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي وهذا فيما يتعلق في حقوق الولد المعيشية والحياتية
وفي العدد القادم سوف أتطرق إلى مسؤولية الأب في التربية والتعليم .
وأسأل الله العظيم ، رب العرش الكريم ، أن يعصمنا من الزلل ، وأن يوفقنا في القول والعمل ، أنه المرجو والأمل ، والله - تعالى - أعلم .
وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحمَـْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَميْنَ وصلَّى اللَّهُ وسلَّم وبارك على عبده ونبيّه محمد وعلى آله وصحبه أجمعيــــــــــن